ما هي دوافع السعودية لوضع حزب الله على قائمة الارهاب..؟ ولماذا لم تعترض أي دولة خليجية؟ وهل سيكون الشيعة اللبنانيين في الخليج هم الخطوة التالية..؟
3 مارس، 2016
558 14 دقائق
يمنات – رأي اليوم
بتنا نلهث هذه الايام من شدة المتابعة للقرارات السعودية المتسارعة ضد “حزب الله” ولبنان بكل طوائفه بالتالي، فبعد اقل من اسبوعين من وقف منحة الاربعة مليارات دولار التي خصصتها السعودية لتسليح الجيش وقوات الامن اللبنانية، ومطالبة المواطنين السعوديين بعدم السفر الى لبنان، وتلحقها دول الخليج على الطريق نفسه، ها هي المملكة تصدر قرارا على درجة كبيرة من الخطورة بوضع “حزب الله” بكافة قادته وفصائله وتنظيماته وميليشياته على قائمة “الارهاب”.
وكعادتها دائما، اصدرت المملكة هذا القرار باسم جميع الدول الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي، لايحاء بانه ليس قرارا منفردا، وانما قرار منظومة خليجية متكاملة تضم ستة دول، ولم تعترض او تتحفظ عليه اي منها، رغم ان هذا القرار لم يصدر عن اجتماع قمة، او على مستوى وزراء خارجية الحكومات الخليجية.
السبب المعلن، مثلما جاء على لسان السيد عبد اللطيف الزياني، امين عام مجلس التعاون “ان الدول اتخذته جراء استمرار الاعمال العدائية التي تقوم بها عناصر تلك الميليشيات (حزب الله) لتجنيد شباب مجلس التعاون للقيام بأعمال ارهابية، وتهريب الاسلحة والمتفجرات، وإثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف، في انتهاك صارخ لسيادتها وامنها واستقرارها”، واضاف “ان هذه الممارسات للحزب في كل من سوريا واليمن والعراق تتنافى مع القيم والمبادىء والاخلاق والقوانين الدولية، وتشكل تهديدا للامن القومي العربي”.
ومن غير المستبعد ان تكون الاسباب الاهم لهذه الهجمة العدائية السعودية اعتقال السلطات الامنية اللبنانية، وبايعاز من حزب الله، الامير عبد المحسن بن وليد بن عبد المحسن، اثناء محاولته تهريب حبوب الكبتاغون المخدرة على ظهر طائرته الخاصة في مطار بيروت قبل شهر، علاوة على الحملة الاعلامية العدائية الشرسة التي يشنها السيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله، على المملكة العربية السعودية، وكان آخرها مساء امس (الثلاثاء)، حيث القى خطابا متلفزا اتهم فيه النظام السعودي بارتكاب مجازر في اليمن “من خلال قصفه مدارس ومستشفيات ومساجد واسواق وقرى، ومدن والعالم بأسره صامت”، وقال “لم يعد بمقدورنا ان نسكت على هذه الجرائم السعودية”، واضاف “اذا كانت هذه جريمتنا (اي عدم السكوت)، فنحن نفتخر بها.. الشعب اليمني شعب مظلوم، شعب غريب، شعب متروك تجاوز بمظلوميته الشعب الفلسطيني.. وسنبقى مكملين”.
السعودية تتحسس كثيرا من اي نقد لها ولسياساتها، لانها تعتبر نفسها منزهة عن اي انتقاد، ناهيك عن هجوم على هذه الدرجة من الشراسة، يأتي في وقت تخوض فيه حربا تحريضية ذات طابع طائفي ضد ايران وحلفائها في العراق ولبنان واليمن، خاصة ان هذا الهجوم الاعلامي يأتي في وقت تتعرض فيه حربها في اليمن للكثير من الاخفاقات، ابرزها فشلها في تحقيق اي من اهدافها بعد بدء دخولها عامها الثاني، وسط انتقادات عالمية للمملكة وطائراتها بارتكاب جرائم حرب، واصدار البرلمان الاوروبي قرارا بمنع تزويدها بالاسلحة اثر ذلك.
لا نعرف ما هو القرار السعودي المقبل للانتقام من “حزب الله” ولبنان بشكل عام، ولكن ما يمكن استخلاصه من رصد الهجمات الاعلامية المضادة التي تشنها وسائط اعلامية سعودية وخليجية انها ربما تأتي على شكل قرار بطرد جميع اللبنانيين، وابناء الطائفة الشيعية منهم خاصة، من دول الخليج، ويقدر عدد هؤلاء بمئات الالاف، وتحميل “حزب الله” مسؤولية ذلك، في محاولة لتأليب هؤلاء على “الحزب” من خلال المساس بلقمة عيشهم واسرهم، ونعمة الاستقرار والعمل التي تمتعوا بها طوال السنوات، وربما العقود في بعض الحالات.
المملكة العربية السعودية بذهابها بعيدا في تجريم حزب الله واتهامه بالارهاب، تتجاوز دول الاتحاد الاوروبي التي رفضت الانصياع لضغوط اسرائيلية وامريكية شديدة لوضع الحزب على لائحة الارهاب، واكتفت فقط بالصاق هذه التهمة بجناحه العسكري، بحجة وقوفه خلف عملية تفجير حافلة كانت تقل اسرائيليين في بلغاريا عام 2012.
ربما يختلف الكثيرون في الوطن العربي وخارجه حول تدخل حزب الله عسكريا، وقتاله الى جانب الجيش السوري ضد فصائل المعارضة المسلحة التي تدعمها المملكة، وبعض دول الخليج، الى جانب الولايات المتحدة بالمال والسلاح بين مؤيد ومعارض، ولكن لا يجب ان يغطي هذا الاختلاف على الانجازات الكبيرة التي حققها الحزب في مقاومته الشرسة للاحتلال الاسرائيلي، وابرزها اجباره على الانسحاب من لبنان من طرف واحد عام 2000، وهزيمة جيشه المذلة في حرب تموز (يوليو) عام 2006، واطلاق آلاف الصواريخ التي ضربت العمق الاسرائيلي، مثلما لا يجب ان ننسى الدعم الكبير، العسكري والعملياتي والتدريبي، الذي قدمه هذا الحزب للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وهو الدعم الذي ادى الى صمود هذه المقاومة وانتصارها، وقصفها لتل ابيب، وارسال اكثر من اربعة ملايين اسرائيلي الى الملاجيء.
واذا كانت الممكلة العربية السعودية تنتقد تدخل “حزب الله” في سوريا والعراق واليمن، وهذا من حقها، فان تدخله هذا يتواضع كثيرا اذا ما قارناه بتدخل المملكة العسكري في سورية والعراق واليمن ومليارات الدولارات، وعشرات آلاف اطنان الاسلحة التي تقدمها المملكة للمعارضة المسلحة التي تدعمها في سورية، وحربها المباشرة في اليمن، التي تكمل هذه الايام عامها الاول، وتتضمن ارسال مئات الطائرات لقصف مستشفيات، مدارس، اسواق شعبية، اعراس، معامل تعبئة مياه، ومزارع ابقار ودواجن، مما ادى الى مقتل اكثر من عشرة آلاف يمني واصابة ثلاثين الفا لا يجدون الدواء والعناية الطبية اللازمة بسبب الحصار.
نخشى على المملكة من نتائج هذه الحروب العسكرية والاعلامية والسياسية التي تفجرها في اكثر من دولة عربية، وعلى رأسها اليمن، مثلما نخشى على حلفائها ايضا، سواء كانوا خليجيين او لبنانيين او عراقيين او عرب آخرين من جرائها، وكان لافتا التصريحات التي نسبت الى السيد سعد الحريري رئيس تيار “المستقبل” الموالي للسعودية، ورئيس لبنان الاسبق، الذي اكد ان تياره سيستمر في الحوار مع حزب الله رغم تصنيفه منظمة ارهابية.
توسيع دائرة الاعداء، ودون النظر بعين متعمقة الى ظروف الحلفاء وامكانياتهم ومصالحهم، وتحميلهم اكثر من طاقتهم، ربما ينعكس سلبا عليهم، وعلى المملكة بالتالي في نهاية المطاف.